ذكر الشيخ صالح آل الشيخ وزير الشؤون الإسلامية أن الأمن على أنواع تؤدي بمجملها إلى استقرار النفس وطمأنينتها وسعادتها وعدم خوفها مما حولها أو خوفًا من المستقبل، هذا الشعور العظيم الذي يورث السعادة جعله الله جل وعلا في القرآن نعمة عظيمة، والقرية التي تكفر بنعمة الله يعني تكفر بهذه النعمة التي هي الأمن هي مهددة بنقصان أمنها، الأمن على الأنفس وعلى الذوات، وعلى الأموال، وهذا صنعة عمل رجال الأمن بارك الله فيهم، وجزاهم خير الجزاء.
وأضاف معاليه: لكن هناك أمنا مطلوبا من أهل العلم وأهل الإيمان وأهل الدعوة وأهل الخير، وهو الأمن الديني، الأمن الديني الذي من كفر به أو لم يراعِ هذه النعمة حقها فإنه قد فرط في الأمن.
وذكر آل الشيخ أن الناس أيضًا إذا عانوا من ذلك ولم يتواصوا به فقد فرطوا في الأمن، فإذا جاء مثلاً ما يجعل القلب قلقًا في اعتقاده من الشكوك والشبهات، مثل ما ترون اليوم ما ينشر في الإعلام بأنواعه وفي الصحف من التشكيك في كل شيء، حتى التشكيك في العقيدة، والتشكيك في الإيمان، والتشكيك في السنة، هذا كفران بالنعمة التي هي نعمة الأمن العقدي، الناس عندهم أمن عقدي بالاستقرار والطمأنينة لعقائدهم العظيمة المقتفاة من الكتاب والسنة فيأتي من يشوش على الناس في دينهم ويربك الناس في دينهم، وهو في الحقيقة مثل من يشوش على الناس في أوطانهم وأجسامهم، لأنه كما تؤذي الجسم تؤذي النفس فأنت تؤذي الدين، بل إيذاء الدين مقدم في الضروريات الخمس، المحافظة على الدين هذه أعظم المحافظة.
وذكر الشيخ صالخ أن الصحابة رضوان الله عليهم لما جاء الخلل في الدنيا من خروج الخوارج ومن الاختلاف من الثورات التي حصلت ونحو ذلك وحاربها الخلفاء وأمراء المؤمنين كانت مع سلامة الأمن العام في الدين، ولذلك لم يكن أثرها في كفران نعمة الله كثيرًا، فاستمرت الأمة قوية على أعدائها، لكن إذا كان الأمن يخترق في قلوب أهل الإيمان وبدل أن تكون مطمئنة أصبح كثير من الناس -رجالاً ونساءً- لا يعلمون الحق ويتشككون فيه حتى فيما أنزل الله في القرآن، يشككون فيه أو يؤولونه أو يقولون وثوابت أخر كثيرة في الكتاب والسنة، هذا نكران لنعمة الله جل وعلا، ولذلك قال سبحانه وتعالى: «وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ» أنعم الله جمع، وأحد هذه الأنعم المهمة الإيمان لذلك قال، قال الله جل وعلا بعدها جزاءً «فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ».
وختم الشيخ صالح آل الشيخ بقوله: من أعطي نعمة الأمن فكفرها أعطاه الله لباس الجوع والخوف، لأن الجزاء من جنس العمل، ولهذا يقوم في الأمة الرجال المصلحون من أهل العلم لدفع ما يضر بالأمن الديني وهذا واجب كبير وعظيم جدًا، وهو لا ينفك عنه أحد صغيرًا كان أم كبيرًا، على مستوى النفس، وعلى مستوى الناس.
رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- في يد عمر ورقة من التوراة، فقال: «ما هذه يا عمر»، فهذا عمر ثاني المبشرين بالجنة، المحَدَّث الملهم، الذي يُؤمن أكثر ممن بعده على التعثر بمثل هذه الورقة التي معه، لكن النبي -صلى الله عليه وسلم- علمه وعلمنا لتحقيق الأمن الديني، قال: «ما هذه يا عمر» قال: ورقة من التوراة، قال: «أمتهوكون فيها يا ابن الخطاب، والله لقد جئتكم بها بيضاء نقية، ولو كان موسى بن عمران حيًّا ما وسعه إلا اتباعي».